سورة الزمر - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


{أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب} أي شدته {يوم القيامة} قيل يجر على وجه في النار وقيل يرمى به في النار منكوساً فأول شيء تمسه النار وجهه، وقيل هو الكافر يرمى به منكوساً في النار مغلولة يداه إلى عنقه وفي عنقه صخرة من كبريت مثل الجبل العظيم فتشعل النار في تلك الصخرة وهي في عنقه فحرها ووهجها على وجهه لا يطيق دفعها عنه للأغلال التي في يديه وعنقه ومعنى الآية أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن هو آمن العذاب {وقيل للظالمين} أي تقول لهم الخزنة {ذوقوا ما} أي وبال ما {كنتم تكسبون} أي في الدنيا من المعاصي {كذب الذين من قبلهم} أي من قبل كفار مكة كذبوا الرسل {فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} يعني وهم غافلون آمنون من العذاب {فأذاقهم الله الخزي} أي العذاب والهوان {في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}


{ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون} أي يتعظون {قرآناً عربياً} أي فصيحاً أعجز الفصحاء والبلغاء عن معارضته {غير ذي عوج} أي منزهاً عن التناقض، وقال ابن عباس: غير مختلف. وقيل: غير ذي لبس وقيل: غير مخلوق ويروى ذلك عن مالك بن أنس وحكي عن سفيان بن عيينة عن سبعين من التابعين إن القرآن ليس بخالق ولا مخلوق {لعلهم يتقون} أي الكفر والتكذيب.
فإن قلت: ما الحكمة في تقديم التذكر في الآية الأولى على التقوى في هذه الآية؟ قلت: سبب تقديم التذكر أن الإنسان إذا تذكر وعرف ووقف على فحوى الشيء واختلط بمعناه واتقاه واحترز منه. قوله تعالى: {ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون} أي متنازعون مختلفون سيئة أخلاقهم والشكس السيء الخلق المخالف للناس لا يرضى بالإنصاف {ورجلاً سلماً لرجل} أي خالصاً له فيه ولا منازع؛ والمعنى واضرب يا محمد لقومك مثلاً وقل لهم ما تقولون في رجل مملوك قد اشترك فيه شركاء بينهم اختلاف وتنازع كل واحد يدعي أنه عبد ه وهم يتجاذبونه في مهن شتى فإذا عنت لهم حاجة يتدافعونه فهو متحير في أمره لا يدري أيهم يرضي بخدمته وعلى أيهم يعتمد في حاجاته وفي رجل آخر مملوك قد سلم لمالك واحد يخدمه على سبيل الإخلاص وذلك السيد يعين خادمه في حاجاته فأي هذين العبد ين أحسن حالاً وأحمد شأناً، وهذا مثل ضربه الله تعالى للكافر الذي يعبد آلهة شتى والمؤمن الذي يعبد الله وحده فكان حال المؤمن الذي يعبد إلهاً واحداً أحسن وأصلح من حال الكافر الذي يعبد آلهة شتى وهو قوله تعالى: {هل يستويان مثلاً} وهذا استفهام إنكار أي لا يستويان في الحال والصفة قال تعالى: {الحمد لله} أي لله الحمد كله وحده دون غيره من المعبودين، وقيل لما ثبت أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الحق بالدلائل الظاهرة والأمثال الباهرة قال: الحمد لله على حصول هذه البينات وظهور هذه الدلالات {بل أكثرهم لا يعلمون} أي المستحق للعبادة هو الله تعالى وحده لا شريك له.
قوله تعالى: {إنك ميت} أي ستموت {وإنهم ميتون} أي سيموتون وذلك أنهم كانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم موته فأخبر الله تعالى أن الموت يعمهم جميعاً فلا معنى للتربص وشماتة الفاني بالفاني وقيل نعى إلى نبيه نفسه وإليكم أنفسكم والمعنى أنك ميت وإنهم ميتون وإن كنتم أحياء فإنكم في عداد الموتى {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال ابن عباس يعني المحق والمبطل والظالم والمظلوم عن عبد الله بن الزبير قال: «لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}، قال الزبير: يا رسول الله أتكون علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا قال: نعم، فقال: إن الأمر إذاً لشديد».


{فمن أظلم ممن كذب على الله} فزعم أن له ولداً أو شريكاً {وكذب بالصدق إذ جاءه} أي بالقرآن وقيل بالرسالة إليه {أليس في جهنم مثوى} أي منزلة ومقام {للكافرين}.
قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} أي والذي صدق به، قال ابن عباس: الذي جاء بالصدق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إله إلا الله وصدق به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً بلغه إلى الخلق، وقيل: الذي جاء بالصدق هو جبريل عليه الصلاة والسلام جاء بالقرآن وصدق به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق به أبو بكر رضي الله تعالى عنه وقيل وصدق به المؤمنون وقيل الذي جاء بالصدق الأنبياء وصدق به الأتباع. وقيل: الذي جاء بالصدق أهل القرآن وهو الصدق يجيئون به يوم القيامة وقد أدوا حقه فهم الذين صدقوا به {أولئك هم المتقون} أي الذين اتقوا الشرك {لهم ما يشاؤون عند ربهم} أي من الجزاء والكرامة {ذلك جزاء المحسنين} أي في أقوالهم وأفعالهم {ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا} أي يستره عليهم بالمغفرة {ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} أي يجزيهم بمحاسن أفعالهم ولا يجزيهم بمساويها.
قوله عز وجل: {أليس لله بكاف عبد ه} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وقرئ عباده يعني الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قصدهم قومهم بالسوء فكفاهم الله تعالى شر من عاداهم {ويخوفونك بالذين من دونه} وذلك أنهم خوفوا النبي صلى الله عليه وسلم مضرة الأوثان وقالوا لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون {ومن يضلل الله فما له من هاد}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7